أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة : التكافل المجتمعي واجب الوقت ، للشيخ عمر مصطفي

خطبة الجمعة القادمة 17 مارس 2023م بعنوان : التكافل المجتمعي واجب الوقت، للشيخ عمر مصطفي، بتاريخ 25 شعبان 1444هـ ، الموافق 17 مارس 2023م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 مارس 2023م بصيغة word بعنوان : التكافل المجتمعي واجب الوقت ، للشيخ عمر مصطفي

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 مارس 2023م بصيغة pdf بعنوان : التكافل المجتمعي واجب الوقت ، للشيخ عمر مصطفي

 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 17 مارس 2023م ، بعنوان : التكافل المجتمعي واجب الوقت ، للشيخ عمر مصطفي.

 

أولًا: الإسلامُ يأمرُ بالتعاونِ علي البرِّ والتقوَي

ثانياً : نماذجُ  مِن التكافلِ

ثالثًا: التكافلُ واجبُ الوقتِ

وأخيرًا: كُلُّنَا مُبتلَي

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 17 مارس 2023م ، بعنوان : التكافل المجتمعي واجب الوقت ، للشيخ عمر مصطفي ، كما يلي:

 

 التكافلُ الاجتماعِي واجبُ الوقتِ

بتاريخ 25شعبان 1444هـ –  17مارس 2023م

الحمدُ للهِ أرشدَ الخلقَ إلي أكملِ الآدابِ، وفتحَ لهُم مِن خزائنِ رحمتهِ وجودهِ كلَّ بابٍ، أنارَ بصائرَ المؤمنينَ فأدركُوا الحقائقَ ونالُوا الثوابَ، وأعمَي بصائرَ المعرضينَ عن طاعتهِ فصارَ بينهُم وبينَ نورهِ حجابَ، هدَي أولئكَ بفضلهِ وأضلَّ أولئكَ بحكمتهِ وعدلهِ إنَّ في ذلكَ لذكرَي لأولِي الألباب، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ الملكُ العزيزُ الوهابُ، وأشهدُ أنَّ سيدنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ المبعوثُ بأجلِّ العباداتِ وأكملِ الآدابِ صلَّي اللهُ عليهِ وعلي جميعِ الآلِ والأصحابِ وعلي التابعينَ لهم بإحسانٍ إلي يومِ المآبِ وسلمْ تسليمًا . أمَّا بعدُ :

 

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

أولًا: الإسلامُ يأمرُ بالتعاونِ علي البرِّ والتقوَي

 

  • إنَّ الإسلامَ يقومُ علي البذلِ والعطاءِ ويكرهُ الشحَّ والبخلَ ، لذَا حبّبَ إلي بنيهِ أنْ تكونَ نفوسُهُم سخيةً وأكفُهُم معطاءةً نديةً، ووصّاهُم بالمسارعةِ إلي دواعِي البرِّ والإحسانِ وأنْ يجعلُوا تقديمَ الخيرِ للناسِ هو عملُهُم الدائمُ لا ينفكُّونَ عنه صباحًا ومساءًا فإذا امتثلُوا لذلك كانُوا مِن الآمنينَ يومَ القيامةِ لا يخافونَ إذا خافَ الناسُ ولا يحزنونَ إذا حزنَ الناسُ، قالَ تعالَي: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)(البقرة).
  • كما اهتمَّ ببناءِ المجتمعِ المتكاملِ وأمرَنَا ورغبَّنَا في كثيرٍ مِن الآياتِ والأحاديثِ بالتعاونِ والتكافلِ والتكاتفِ لإخراجِ الصورةِ التي وصفَ بهَا النبيُّ ذلك المجتمعَ بقولهِ: عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ : ” مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) ( صحيح مسلم ) . وعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ)(صحيح البخاري) . لذا فإنَّ التكافلَ الاجتماعيَّ في الإسلامِ ليس مقصورًا على النفعِ الماديِّ وإنْ كان ذلك ركنًا أساسيًّا فيه بل يتجاوزُهُ إلى جميعِ حاجاتِ أفرادِ المجتمعِ ، ماديةً كانت تلك الحاجاتُ أو معنويةً، فهي بذلك تتضمنُ جميعَ الحقوقِ الأساسيةِ لأبناءِ ذلك المجتمعِ. والتكافلُ مِن حقوقِ الإنسانِ في الإسلامِ وقد أمرَ الإسلامُ بتحقيقِ التكافلِ بينَ أفرادِ المجتمعِ كلِّهِ.
  • والتكافلُ في الإسلامِ ليس معنيًّا بهِ المسلمينَ فقط بل يشملُ كلَّ أفرادِ المجتمعِ وإنْ كانُوا غيرَ مسلمين، قالَ تعالَى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ)( الممتحنة). وعن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ» (صحيح البخاري) . وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عن النَّبِيَّ ، «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» (سنن أبي داود). ذلك أنَّ أساسَ التكافلِ هو كرامةُ الإنسانِ حيثُ قالَ اللهُ تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)(الإسراء ).
  • و معني التكافلِ: التزامُ كلِّ فردٍ قادرٍ في المجتمعِ أنْ يعينَ المحتاجَ بحيثُ يصبحُ المجتمعُ كيانًا واحدًا يتعاونُ علي البرِّ والتقوَي، ويتراحمُ أفرادُهُ فيمَا بينهُم، والتكافلُ في معناه أقوَي مِن مجردِ التعاونِ فلا حياةَ لمجتمعٍ يأبَي أفرادُهٌ التعاونَ فيمَا بينَهُم قالَ تعالَي: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)(المائدة). أي تعاونُوا على فعلِ الخيراتِ وتركِ المنكراتِ، وعلى كلِّ ما يقربُ إلى اللهِ.(صفوة التفاسير) وعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ قَالَ مَرَّةً: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ»(صحيح البخاري) فقد وزَّعَ النبيُّ فقراءَ أهلِ الصفةِ علي مَن كان عندهُ سعة، ومِن هذا أخذَ عمرُ بنُ الخطابِ فعلَهُ في عامِ الرمادةِ، إذ كان يُلقِى على أهلِ كلِّ بيتٍ مثلهُم مِن الفقراءِ، ويقولُ: لن يهلكَ امرؤٌ على نصفِ قوتهِ. وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ»(المعجم الكبير للطبراني).

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

ثانياً : نماذجُ  مِن التكافلِ

النموذجُ الأولُ: عَنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ : فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} (النساء: 1) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: 1)وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: {اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ} (الحشر: 18) «تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ – حَتَّى قَالَ – وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ»(صحيح مسلم)

النموذجُ الثانِي: عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ»(صحيح البخاري)، و الأشعريونَ قبيلةٌ مِن اليمنِ (إذا أرملُوا في الغزوِ) أي فنيَ زادُهُم (فهم منِّي وأنَا منهم) أي متصلونَ بِي أو فعلُوا فعلِي في هذه المواساةِ وفيهِ منقبةٌ عظيمةٌ للأشعريين. (إرشاد الساري للقسطلاني).

النموذجُ الثالثُ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ وَهُمْ ثَلاَثُ مِائَةٍ، وَأَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الجَيْشِ، فَجُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ، فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ، فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى فَنِيَ، فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلَّا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، فَقُلْتُ: وَمَا تُغْنِي تَمْرَةٌ، فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ، قَالَ: ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى البَحْرِ، فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ، فَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الجَيْشُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلاَعِهِ، فَنُصِبَا ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ، فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا)(صحيح البخاري).

النموذجُ الرابعُ: عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: ” مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا “(صحيح البخاري).  وهذا النموذجُ للتكافلِ الأخلاقِي، فالمجتمعُ كلُّهُ مسئولٌ عن أخلاقهِ، ولكلِّ فردٍ أنْ ينصحَ أخاهُ ويأمرَهُ بالمعروفِ وينهاهُ عن المنكرِ قال رسولُ اللهِ  «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»(صحيح مسلم ).

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة

ثالثًا: التكافلُ واجبُ الوقتِ

جاءتْ الآياتُ والأحاديثُ تفيدُ أنَّهُ في حالةِ الضرورةِ واحتياجِ الناسِ إلي العونِ وعدمِ الكفايةِ أنَّ في أموالِ الأغنياءِ حقّ للفقراءِ يسدُّ حاجتَهُم ويدفعُ عوزَهُم ويوفرُ لهم الأمن، قال تعالي 🙁 لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )(177)(البقرة). فلا بُدَّ مع الإيمانِ مِن العملِ الصالحِ، كإقامةِ الصلاةِ تامةُ الأركانِ والشروطِ مع الخشوعِ واستحضارِ القلبِ، وإيتاءِ الزكاةِ المفروضةِ لمستحقِّيهَا على نحوٍ دقيقٍ شاملٍ لجميعِ أموالِ الزكاةِ مِن النقودِ والمواشِي والزروعِ وأموالِ التجارةِ، وإيتاءِ المالِ للمستحقِّ مع حبِّهِ له، وهو إيتاؤُه ذوي القرابةِ، واليتامى والمساكين وأبناءِ السبيلِ (المنقطعين في السفر) والسائلين وتحريرِ الرقابِ وفكاكِ الأسرَى، ففي المالِ حقٌّ آخرٌ سوى الزكاةِ. .(التفسير الوسيط ).

 وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ بَعْدَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُ الْمَالِ إِلَيْهَا. قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَجِبُ عَلَى النَّاسِ فِدَاءُ أَسْرَاهُمْ وَإِنِ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ أَمْوَالَهُمْ. وَهَذَا إِجْمَاعٌ (تفسير القرطبي).قالَ تعالي: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)(النساء) . وضعَ الإسلامُ مبادئَ العلاقاتِ الاجتماعيةِ على أسسٍ ثلاثةٍ: عبادةُ اللهِ وحدَهُ لا شريكَ لهَ والخوفُ منه سبحانه، وتوثيقُ العلاقةِ بينَ أفرادِ الأسرةِ الواحدةِ والمجتمعِ بدءًا مِن الجارِ وانتهاءً بابنِ السبيلِ، والسخاءُ في الإنفاقِ والبذلُ في المعروفِ ومقاومةُ الشحِّ والرياءِ والبخلِ؛ لأنَّه رذيلةٌ وتدنيسٌ للمروءةِ والكرامةِ.(التفسير الوسيط ). وقال تعالي: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26)الإسراء . وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ»، قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ)(صحيح مسلم ). فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالْجُودِ وَالْمُوَاسَاةِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الرُّفْقَةِ وَالْأَصْحَابِ وَالِاعْتِنَاءِ بِمَصَالِحِ الْأَصْحَابِ وَأَمْرُ كَبِيرِ الْقَوْمِ أَصْحَابَهُ بِمُوَاسَاةِ الْمُحْتَاجِ وَأَنَّهُ يُكْتَفَى فِي حَاجَةِ الْمُحْتَاجِ بِتَعَرُّضِهِ لِلْعَطَاءِ وَتَعْرِيضِهِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ أَيْ مُتَعَرِّضًا لِشَيْءٍ يَدْفَعُ به حاجته وفيه مواساة بن السَّبِيلِ وَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا.(شرح مسلم للنووي). عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ» قَالَ سُفْيَانُ: ” وَالعَانِي: الأَسِيرُ “(صحيح البخاري). (أطعموا الجائع)  فرضٌ على الكفايةِ، ألا ترى رجلًا يموتُ جوعًا، وعندكَ ما تجيبُهُ بهِ، بحيث لا يكونُ في ذلك الموضعِ أحدٌ غيرك، الفرضُ عليك في إحياءِ نفسهِ، وإمساكِ رمقهِ، وإذا ارتفعتْ حالةُ الضرورةِ كان ذلك ندبًا .(شرح البخاري لابن بطال).

العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة

وأخيرًا: كُلُّنَا مُبتلَي

اقتضتْ حكمةُ اللهِ تعالي أنْ يكونَ في الناسِ غنيٌّ وفقيرٌ ليتعاونُوا جميعًا علي عمارةِ الأرضِ؛ لأنَّه سبحانَهُ لو خلقَهُم جميعًا أغنياءَ لبطلتْ مصالحُهُم، ولم يكنْ للحياةِ معني، ولو خلقَهُم كلَّهُم فقراءَ لفسدتْ معيشتُهُم وهانتْ حياتُهُم ولكن شاءَ الحكيمُ الخبيرُ أنْ يرزقَ بعضَ الناسِ مِن أيدِي أناسٍ آخرين وأنْ يهبَ الغنيَ لقومٍ ليعطُوا آخرين، فلمصلحةِ البشرِ فضلَّ بعضَهُم علي بعضٍ في الرزقِ  قالَ تعالي : (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) (71)(النحل ). وقالَ أيضًا: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)(الزخرف) .واللهُ ابتلَي الغنيُّ بغناه لينظرَ أيُعطِي الحقَّ أم يبخلُ، وكذلك ابتلَي الفقيرَ بفقرهِ لينظرَ أيستعففُ ويصبرُ أم يلجُ بابَ الحرامِ ؟ ولقد أنزلَ اللهُ تعالي مِن الرزقِ ما يكفِي الجميع، فجوعُ الفقيرِ وحاجةُ المحتاجِ ناتجةٌ عن بخلِ بعضِ الأغنياءِ فعن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ مَا يَكْفِي للْفُقَرَاءِ، فَإِنْ جَاعُوا أَوْ عَرُوا أَوْ جُهِدُوا، فَبِمَنْعِ الْأَغْنِيَاءِ، وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُحَاسِبَهُمْ وَيُعَذِّبَهُمْ( كتاب الأموال للقاسم بن سلاّم).

كتبه راجي عفو ربه عمر مصطفي

 

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
error: Content is protected !!